بكفرتوثى ، يذكر أنّه قد وجّه إلىّ برجل يقال له : إدريس بن زياد ، فدعوت به فرأيته وسيماً قسيماً قبلته نفسي ، ثمّ ناجيته فرأيته ممطوراً [1] ورأيته من المعرفة بالفقه والأحاديث على ما أعجبني ، فدعوته إلى القول بإمامة الاثني عشر ، فأبى وأنكر عليّ ذلك وخاصمني فيه ، وسألته بعد مقامه عندي أيّاماً أن يهب لي زورة إلى سرّ من رأى ، لينظر إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) وينصرف . فقال لي : أنا أقضي حقّك بذلك . وشخص بعد أن حملته فأبطأ عنّي وتأخّر كتابه ، ثمّ إنّه قدم فدخل إلىّ ، فأوّل ما رآني أسبل عينيه بالبكاء ، فلمّا رأيته باكياً لم أتمالك حتّى بكيت ، فدنا منّي وقبّل يدي ورجلي . ثمّ قال : يا أعظم الناس منّةً نجّيتني من النار وأدخلتني الجنّة . وحدّثني فقال لي : خرجت من عندك وعزمي إذا لقيت سيّدي أبا الحسن ( عليه السلام ) أن أسأله من مسائل ، وكان فيما أعددته أن أسأله عن عرق الجنب هل يجوز الصلاة في القميص الذي أعرق فيه وأنا جنب أم لا ؟ فصرت إلى سرّ من رأى فلم أصل إليه وأبطأ من الركوب لعلّة كانت به ، ثمّ سمعت الناس يتحدّثون بأنّه يركب ، فبادرت ، ففاتني ودخل دار السلطان فجلست في الشارع وعزمت أن لا أبرح أو ينصرف . واشتدّ الحرّ عليّ فعدلت إلى باب دار فيه ، فجلست أرقُبه ونعست ، فحملتني عيني فلم أنتبه إلاّ بمقرعة قد وضعت على كتفي ، ففتحت عيني ، فإذا هو مولاي أبو الحسن ( عليه السلام ) واقف على دابّته ، فوثبت فقال لي : يا إدريس !
[1] رجل ممطور : إذا كان كثير السواك طيّب النكهة . لسان العرب : 5 / 180 ( مطر ) .