فلقد عهدنا بجعفر وكلّ من في البلد ، وكلّ من في العسكر من الحاشية ، الرجال والنساء والخدم يشكون إذا وردنا الدار أمر جعفر ، يقولون : إنّه يلبس المصنّعات من ثياب النساء ، ويضرب له بالعيدان ، فيأخذون منه ولا يكتمون عليه . وإنّ الشيعة بعد أبي محمّد ( عليه السلام ) زادوا في هجره ، وتركوا رمي السلام عليه ، وقالوا : لا تقيّة بيننا وبينه نتجمّل به . وان نحن لقيناه وسلّمنا عليه ودخلنا داره وذكرناه نحن فنضلّ الناس فيه ، وعملوا على ما يرونا نفعله فنكون بذلك من أهل النار . وإنّ جعفر لمّا كان في ليلة أبي محمّد ( عليه السلام ) ختم على الخزائن وكلّ ما في الدار ، ومضى إلى منزله ، فلمّا أصبح أتى الدار ودخلها ليحمل ما ختم عليه ، فلمّا فتح الخواتم ودخل نظرنا فلم يبق في الدار ولا في الخزائن إلاّ قدراً يسيراً . فضرب جماعة من الخدم ومن الإماء ، فقالوا له : لا تضربنا ، فواللّه ! لقد رأينا الأمتعة والرجال توقر الجمال في الشارع ، ونحن لا نستطيع الكلام ولا الحركة إلى أن سارت الجمال وغلّقت الأبواب كما كانت . فولول جعفر وضرب على رأسه أسفاً على ما خرج من الدار ، وأنّه بقي يأكل ما كان له ويبيع حتّى ما بقي له قوت يوم ، وكان له في الدار أربعة وعشرون ولداً بنون وبنات ، ولهم أُمّهات وأولاد وحشم وخدم وغلمان ، فبلغ به الفقر إلى أن أمرت الجدّة ، وهي جدّة أبي محمّد ( عليه السلام ) أن يجري عليه من مالها الدقيق واللحم والشعير ، والتبن لدوابّه [1] ، وكسوة لأولاده وأُمّهاتهم وحشمه وغلمانه ونفقاتهم . ولقد ظهرت أشياء منه أكثر ممّا وصفنا ، نسأل اللّه العافية من البلاء والعصمة في الدنيا والآخرة [2] .
[1] في المصدر : لداوبه ، وهو غير صحيح . [2] الهداية الكبرى : 381 ، س 18 . عنه مدينة المعاجز : 7 / 664 ، ح 2652 ، قطعة منه ، و 8 / 134 ، ح 2736 ، وفيه صاحبي العسكر ، بدل الرضا ، وبتفاوت آخر . قطعة منه في ( ذمّ جعفر بن علي الهادي ( عليه السلام ) ) .