ويحفظون شريعته وأحكامه ، فهم عيبة علمه ، وموضع سره ، وتنبه لذلك فرقة من المسلمين واستقاموا في ذلك يرأسهم في الزمان الأول سلمان وأبو ذر ومقداد وعمار ومن حذا حذوهم ، ويتبعهم في كل زمان ، وفي عهد كل إمام من الأبرار يتبعهم جم من الأخيار ، وأولئك الأئمة الأبرار قد أعدهم الله للأجيال القادمة . ولما يعرض لهم الزمان من المشاكل والأحداث التي لم تكن من قبل ، فهؤلاء الأفذاذ بأيديهم مفاتيح تلك الأغلاق ، وعندهم مصابيح تلك الظلمات ، وقاموا عليهم السلام بحل تلك المشاكل ، وقد تنبه لذلك حتى من لا يعتقد بإمامتهم ، فاعترفوا به ، وطأطأوا لهم رؤوسهم ، وأقروا لهم بالفضل ، وبهرهم ما رأوا من قبل ذلك من عظم سلسلة نسبهم وجلالة أقدارهم ترى الجاحظ عمرو بن بحر كبير أئمة الأدب ، المتوفى سنة 255 - المعاصر لهؤلاء الأفذاذ - يتشّرق بفضلهم وفضيلتهم ، يقول في الحادي عشر منهم ، الحسن بن علي العسكري صلوات الله وسلامه عليه : ومن الذي يعد من قريش أو من غيرهم ما يعده الطالبيون عشرة في نسق كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاك ، فمنهم خلفاء ومنهم مرشحون ابن ابن ابن ابن ، هكذا إلى عشرة ، وهم الحسن بن علي بن محمد ابن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام . وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب ، ولا من بيوت العجم كما أثبته ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ( 15 / 278 ) ننظر إلى عظمة النسب بقوله : وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب ، ولا من بيوت العجم ، وننظر إلى فضائلهم : كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاك ، يقول الجاحظ ذلك مع نصبه .