ليلة إلى أن يجمع اللّه شملنا في العيان ، فما قطع عنّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية . قال بشر : فقلت لها : وكيف وقعت في الأسر ؟ فقالت : أخبرني أبو محمّد ليلة من الليالي أنّ جدّك سيسرب جيوشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا ، ثمّ يتبعهم ، فعليك باللحاق بهم متنكّرة في زيّ الخدم مع عدّة من الوصائف من طريق كذا . ففعلت ، فوقعت علينا طلائع المسلمين حتّى كان من أمري ما رأيت وماشاهدت ، وما شعر أحد [ بي ] بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك ، وذلك باطّلاعي إيّاك عليه ، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته ، وقلت : نرجس ، فقال : اسم الجواري . فقلت : العجب ! إنّك روميّة ، ولسانك عربيّ . قالت : بلغ من ولوع جدّي وحمله إيّاي على تعلّم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إليّ ، فكانت تقصدني صباحاً ومساءً ، وتفيدني العربيّة حتّى استمرّ عليها لساني ، واستقام . قال بشر : فلمّا انكفأت بها إلى سرّ من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري ( عليه السلام ) فقال لها : كيف أراك اللّه عزّ الإسلام ، وذلّ النصرانيّة ، وشرف أهل بيت محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . قالت : كيف أصف لك ، يا ابن رسول اللّه ! ما أنت أعلم به منّي . قال : فإنّي أريد أن أكرمك ، فأيّما أحبّ إليك عشرة آلاف درهم أم بشرى لك فيها شرف الأبد ؟ قالت : بل البشرى . قال ( عليه السلام ) : فأبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً ، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً