فيطلب العلم ، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدلّ على علم جسيم ، وأثر عظيم ، فقلت : أيّها الشيخ ! ومن السيّدان ؟ قال : النجمان المغيّبان في الثرى بسرّ من رأى . فقلت : إنّي أقسم بالموالاة ، وشرف محلّ هذين السيّدين من الإمامة والوراثة ، إنّي خاطب علمهما ، وطالب آثارهما ، وباذل من نفسي الإيمان المؤكّدة على حفظ أسرارهما . قال : إن كنت صادقاً فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم ، فلمّا فتّش الكتب ، وتصفّح الروايات منها قال : صدقت أنا بشر بن سليمان النخّاس من ولد أبي أيّوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمّد ( عليهما السلام ) وجارهما بسرّ من رأى . قلت : فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما . قال : كان مولانا أبو الحسن علي بن محمّد العسكري ( عليهما السلام ) فقّهني في أمر الرقيق ، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلاّ بإذنه ، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتّى كملت معرفتي فيه ، فأحسنت الفرق [ فيما ] بين الحلال والحرام . فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسرّ من رأى ، وقد مضى هويّ من الليل إذ قرع الباب قارع ، فعدوت مسرعاً ، فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمّد ( عليهما السلام ) يدعوني إليه . فلبست ثيابي ، ودخلت عليه ، فرأيته يحدّث ابنه أبا محمّد وأخته حكيمة من وراء الستر . فلمّا جلست قال : يا بشر ! إنّك من ولد الأنصار ، وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف ، فأنتم ثقاتنا أهل البيت ، وإنّي مزكّيك ومشرّفك بفضيلة