( 72 ) 3 - الشيخ الصدوق ( رحمه الله ) : حدّثنا محمّد بن علي بن حاتم النوفليّ ، قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء البغداديّ ، قال : حدّثنا أحمد بن طاهر القمّي ، قال : حدّثنا أبو الحسين محمّد بن بحر الشيبانيّ ، قال : وردت كربلاء سنة ستّ وثمانين ومائتين ، قال : وزرت قبر غريب رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثمّ انكفأت إلى مدينة السلام متوجّهاً إلى مقابر قريش في وقت قد تضرّمت الهواجر ( 1 ) وتوقّدت السمائم ( 2 ) . فلمّا وصلت منها إلى مشهد الكاظم ( عليه السلام ) ، واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة المحفوفة بحدائق الغفران أكببتت عليها بعبرات متقاطرة ، وزفرات متتابعة ، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر ، فلمّا رقأت العبرة ، وانقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه ، وتقوّس منكباه ، وثفنت جبهته وراحتاه ، وهو يقول لآخر معه عند القبر : يا ابن أخي ! لقد نال عمّك شرفاً بما حمّله السيّدان من غوامض الغيوب ، وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلاّ سلمان . وقد أشرف عمّك على استكمال المدّة و انقضاء العمر ، وليس يجد في أهل الولاية رجلاً يفضي إليه بسرّه . قلت : يا نفس ! لا يزال العناء والمشقّة ينالان منك بأتعابي الخفّ والحافر
( 1 ) الهاجرة : نصف النهار عند اشتداد الحرّ ، أو من عند الزوال إلى العصر لأنّ الناس ليسكنون في بيوتهم كأنّهم قد تهاجروا من شدّة الحرّ ، والجمع هواجر . مجمع البحرين : 3 / 516 ( هجر ) . ( 2 ) سمّ اليوم : اشتدّ حرّه ، أو كانت فيه ريح حارّة . . . السَموم ، ج : السمائم ، الريح الحارّة . المنجد : 348 ، ( سمّ ) .