ثمّ خرج عقيد فقال : يا سيّدي ! قد كفّن أخوك ، فقم وصلّ عليه ، فدخل جعفر ابن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمّان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة ، فلمّا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن علي صلوات اللّه عليه على نعشه مكفّناً . فتقدّم جعفر بن علي ليصلّي على أخيه فلمّا همّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة ، بشعره قطط ، بأسنانه تفليج ، فجبذ [1] برداء جعفر بن علي وقال : تأخّر يا عمّ ! فأنا أحقّ بالصلاة على أبي ، فتأخّر جعفر ، وقد اربدّ وجهه واصفرّ . فتقدّم الصبي وصلّى عليه ، ودفن إلى جانب قبر أبيه ( عليهما السلام ) ، ثمّ قال : يا بصري ! هات جوابات الكتب التي معك ؟ فدفعتها إليه ، فقلت في نفسي : هذه بيّنتان بقي الهميان ، ثمّ خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر ، فقال له حاجز الوشّاء : يا سيّدي ! من الصبي ؟ لنقيم الحجّة عليه . فقال : واللّه ! ما رأيته قطّ ولا أعرفه ، فنحن جلوس إذ قدم نفر من قمّ ، فسألوا عن الحسن بن علي ( عليهما السلام ) فعرفوا موته ، فقالوا : فمن [ نعزّي ] ؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي ، فسلّموا عليه وعزّوه وهنّوه ، وقالوا : إنّ معنا كتباً ومالاً ، فتقول ممّن الكتب ، وكم المال ؟ فقام ينفض أثوابه ويقول : تريدون منّا أن نعلم الغيب ؟ ! قال : فخرج الخادم ، فقال : معكم كتب فلان وفلان ( وفلان ) ، وهميان فيه ألف دينار ، وعشرة دنانير منها مطلّية . فدفعوا إليه الكتب والمال وقالوا : الذي وجّه بك لأخذ ذلك هو الإمام .