الجندي : وذئاب الشرور تنعم بالماء * وأهل النبي من غير ماء يا لظلم الأقدار يظمأ قلب الليث * والليث موثق الأعضاء وصغار الحسين يبكون في الصحراء * يا رب أين غوث القضاء ان جميع الشرائع والمذاهب لا تبيح منع الماء عن الأطفال والنساء ، وخصوصا الشريعة الإسلامية ، فقد جعلت الناس جميعا شركاء في الماء والكلاء ، وسوغت الشرب من الأنهار المملوكة حتى لو لم يأذن أربابها ، وكرهت - الشريعة - أشد الكراهة ذبح الحيوان الأعجم عطشانا ، لكن الجيش الأموي لم يحفل بذلك ، واستباح جميع ما حرمته الشرائع والأديان . لقد تنكر أولئك الجفاة لليد البيضاء التي أسداها الإمام الحسين ( عليه السلام ) على مقدمة جيوشهم التي كانت تتألف من ألف فارس بقيادة الحر لإلقاء القبض على الإمام والحصار عليه في البيداء ، وكان قد بلغ بهم العطش كل مبلغ حتى أشرفوا على الهلاك ، وكان باستطاعته أن يبيدهم عطشا ، فأبت مروءته ورحمته أن يعاملهم بالقسوة ، فأمر فتيانه وهو معهم ، فسقاهم عن آخرهم ، كما أمر بسقي خيولهم وترشيفها على أنه كان في حاجة إلى الماء ، لأنه في وسط الصحراء اللاهبة ، ولم يقدر أولئك الأجلاف هذه النجدة فحرموه من الماء وحرموا من كان في كنفه من سيدات أهل البيت وأحفاد النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأطفال الرضع والصغار . انظر أيها المسلم الشريف كم كان الحسين مظلوما صابرا على عزته وإبائه . وقد لا تصل بنظرك إلى المستوى المطلوب إلا أن تتأمل في الأخلاق اللئيمة لأولئك الممسوخين من أعداء الحسين ( عليه السلام ) الذين كانوا يتباهون ويتفاخرون باستيلائهم على ماء الفرات وحرمان ريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منه . فهذا المهاجر بن أوس التميمي إنبرى صوب الإمام ( عليه السلام ) رافعا صوته : يا حسين ألا ترى إلى الماء يلوح كأنه بطون الحيات ، والله لا تذوقه أو تموت ! فرد ( عليه السلام ) : " إني لأرجو أن يوردنيه الله ويحلئكم ( 1 ) عنه " .