فبكى الحسين ( عليه السلام ) وقال : " يا بني عز على محمد وعلى علي وعلى أبيك ، أن تدعوهم فلا يجيبونك ، وتستغيث بهم فلا يغيثونك ، يا بني هات لسانك " ، فأخذ لسانه فمصه ودفع إليه خاتمه وقال له : " خذ هذا الخاتم في فيك وارجع إلى قتال عدوك ، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا " . ( 1 ) لقد امتزج في علاقة الإمام ( عليه السلام ) بفلذة كبده علي الأكبر ( عليه السلام ) كل المطلوب من مبادئ الأخلاق التي أقرها الدين على الابن تجاه أبيه وعلى الأب تجاه ابنه ، إنها مبادئ النصرة والطاعة والذوبان والحب والحنان والدعاء والعطف والنظرات المشدودة بينهما حين الوداع الأخير ، ذلك هو الجمع بين العاطفة والعقل . * الدروس المستفادة هنا : 1 - العواطف العائلية مقدسة ولكنها لا تقدس أكثر من القيم الأساسية في الإسلام . 2 - المبادئ الأخلاقية متدرجة وذات أولويات . 3 - في سبيل الحق الأعظم يرخص كل غال وثمين . 4 - الحديث عند المصيبة لابد أن يكون في أجمل كلمات إيمانية ، وهذا يتحقق من خلال مطالعات مسبقة في وعي العقيدة . E / في الشجاعة والفداء إنه القاسم بن الحسن ( عليه السلام ) وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم ، فلما نظر إليه عمه الحسين ( عليه السلام ) إعتنقه وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما ، ثم استأذن الغلام للحرب فأبى الحسين ( عليه السلام ) أن يأذن له ، فلم يزل الغلام يقبل يديه ورجليه ويسأله الإذن حتى أذن له ، فخرج - نحو الجهاد - ودموعه على خديه وهو يتذكر عظمة أخلاق عمه وحنانه الأبوي ورعايته له منذ قتل أبوه الحسين ( عليه السلام ) وتيتم ، وهو يقول : إن تنكروني فأنا فرع الحسن * سبط النبي المصطفى والمؤتمن
1 - مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 2 : 30 ، الفتوح 5 : 130 ، بحار الأنوار 45 : 42 ، العوالم 17 : 285 ، أعيان الشيعة 1 : 607 وليس فيه من قوله : " مالك " إلى " رسول الله " مقتل المقرم : 325 مع اختلاف الألفاظ .