E / في الجمع بين العاطفة والعقل كتب التأريخ : إن أول من خرج من أهل بيته علي بن الحسين الأكبر ، وكان علي من أصبح الناس وجها ، وأحسنهم خلقا ، وكان عمره تسع عشرة سنة - حسب اختلاف الروايات - أو ثماني عشرة سنة ، أو خمسا وعشرين سنة ، وهو أول قتيل يوم كربلاء من آل أبي طالب ، فاستأذن أباه - الحسين - بالقتال فأذن له ثم نظر إليه نظر آيس منه وأرخى عينيه فبكى . ( 1 ) فلما رآه الحسين ( عليه السلام ) رفع شيبته نحو السماء وقال : " اللهم اشهد على هؤلاء القوم ، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمد ( 2 ) ( صلى الله عليه وآله ) ، كنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه ، اللهم فامنعهم بركات الأرض ، وإن منعتهم ففرقهم تفريقا ، ومزقهم تمزيقا ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترضي الولاة عنهم أبدا ، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلونا ويقتلونا " . ثم صاح الحسين ( عليه السلام ) بعمر بن سعد : " مالك ؟ قطع الله رحمك ! ولا بارك لك في أمرك ، وسلط عليك من يذبحك على فراشك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) " ثم رفع الحسين ( عليه السلام ) صوته وقرأ : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) ( 3 ) . ثم حمل علي بن الحسين ، وهو يقول : أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي والله لا يحكم فينا ابن الدعي * أطعنكم بالرمح حتى ينثني أضربكم بالسيف حتى يلتوي * ضرب غلام هاشمي علوي فلم يزل يقاتل حتى ضج أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم ، . . . روي أنه على عطشه قتل مائة وعشرين رجلا ، ثم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة فقال : يا أبت ! العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة من ماء سبيل ، أتقوى بها على الأعداء ؟
1 - أعيان الشيعة 1 : 607 . 2 - وفي مثير الأحزان : 68 ، يشبه رسول الله صلى الله عليه وآله . 3 - سورة آل عمران : الآية 33 - 34 .