ثم ، إن منتقدي الحالة التجارية في عمل الخير ، يدَّعون أنهم يعيشون مشاعر السمو الإنساني ، ويقولون إنا إنسانيون نعمل الخير بدافع تحقيق ذاتنا وإنسانيتنا ، ولا نريد عليه جزاءً ولا شكوراً ، لا من الناس ولا من الله تعالى ! فهل هم كذلك واقعاً ، أم هي لقلقة لسان ، كمدعي العرفان ؟ ولو سلمنا وجود هذا الدافع ( الإنساني ) فيهم ، فهل يُضمن بقاؤه في كل الحالات ؟ ولو سلمنا بقاءه ، فهل المجتمع الذي يراد دفعه إلى الخير كله مثلهم ؟ ! ثم ، أليس تحقيق ذاتهم الإنسانية وإرضاءها جزاءً معنوياً ، يشبه الجزاء الديني ؟ إن الإسلام دينٌ عملي واقعي ، فكما أنه لا يترك الدعوة لعمل الخير للدوافع المثالية غير المضمونة ! كذلك لا يتخوف من تعبير التجارة والربح والخسارة ، فكل حياة الإنسان وأعماله مبنيةٌ على حساب الربح لوجوده والخسارة ! لذلك جاء نداء الله تعالى لعباده المؤمنين ، بواقعية ووضوح : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ