بشئ من هذه التفاصيل اعتقد وتدين به ، وإلا توقف ولم يتدين بالظن لو حصل له . ومن هنا قد يقال : إن الاشتغال بالعلم المتكفل لمعرفة الله ومعرفة أوليائه صلوات الله عليهم أهم من الاشتغال بعلم المسائل العلمية ، بل هو المتعين ، لأن العمل يصح عن تقليد ، فلا يكون الاشتغال بعلمه إلا كفائياً بخلاف المعرفة . هذا ، ولكن الإنصاف ممن جانب الاعتساف يقتضي الإذعان بعدم التمكن من ذلك إلا للأوحدي من الناس ، لأن المعرفة المذكورة لا تحصل إلا بعد تحصيل قوة استنباط المطالب من الأخبار وقوة نظرية أخرى ، لئلا يأخذ بالأخبار المخالفة للبراهين العقلية ، ومثل هذا الشخص مجتهد في الفروع قطعاً فيحرم عليه التقليد . ودعوى جوازه له للضرورة ليس بأولى من دعوى جواز ترك الاشتغال بالمعرفة التي لا تحصل غالباً بالأعمال المبتنية على التقليد . هذا إذا لم يتعين عليه الإفتاء والمرافعة لأجل قلة المجتهدين . وأما في مثل زماننا فالأمر واضح . فلا تغتر حينئذ بمن قصر استعداده أو همته عن تحصيل مقدمات استنباط المطالب الاعتقادية الأصولية والعلمية عن الأدلة العقلية والنقلية ، فيتركها مبغضاً لها لأن الناس أعداء ما جهلوا ، ويشتغل بمعرفة صفات الرب جل ذكره وأوصاف حججه صلوات الله عليهم ، بنظرٍ في الأخبار لا يعرف به من ألفاظها الفاعل من المفعول ، فضلاً عن