جملةً مؤلفةً من تلك الحروف والكلمات فستؤمن بعلم الكاتب ، وتستدل بنظم الكلمات ودقتها على علمه وحكمته . فهل أن تكوين نبتة في البرية من عناصرها الأولية ، أقل من سطر في كتاب ؟ ! فلماذا نستدل بالسطر على علم كاتبه ، ولا نستدل بالنبتة على خالقها عز وجل ؟ ! فأي علم وحكمة أعطى الماء والتراب سراً يبعث الحبة من يبسها وموتها نباتاً حياً سوياً ؟ وأعطى لجذرها قدرة تشق بها الأرض وتحصل على قوتها وغذائها في ظلمة التراب ، وهيأ في مائدة التراب الغنية أقوات النباتات والأشجار ، كل يجد فيها غذاءه ؟ ! وأي قدرة وحكمة خلقت الجذور واعيةً لعملها ، ضاربةً في أعماق التربة . والجذوع والفروع باسقةً إلى أعلى الفضاء ! يكافح كل منهما قانوناً يضاده ويمضي في مساره ، هذه في الأعماق وهذه في الآفاق ؟ ! إن التأمل في شجرة واحدة وأنظمتها ، من عروقها إلى آلاف أوراقها ، يبعث في الإنسان الدهشة والذهول أمام علم الخالق وقدرته اللامتناهية : ( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ) . ( النمل : 60 ) . ( راجع مقدمة منهاج الصالحين للوحيد الخراساني )