يلقاهم بكلمة تصدعهم ، بل وثبوا إليه وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به يقولون متوعدين : - أنت الذي تقول كذا وكذا ؟ وأعادوا عليه ما قال في إنكار أوثانهم وتسفيه عقولهم وضلال آبائهم ، والمصطفى يجيب : ( نعم ، أنا الذي أقول ذلك ) . وهموا به يتجاذبون رداءه ، فقام أبو بكر دونه يدفعهم عنه ويقول : - أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ فتحول أسود القطيع إلى أبي بكر يجبذون لحيته ، وتكاثروا عليه فما تركوه يومئذ إلا وقد صدعوا فرق رأسه . . [1] وبدا لقريش أن توفد رجالا منها إلى أبي طالب ، عم المصطفى وشيخ بني هاشم ، لعلهم يستطيعون إقناعه بأن يحمل ابن أخيه على أن يكف عن دعوته التي فرقت كلمتهم ومزقت شملهم . ومشى وفدهم إلى أبي طالب فقالوا في تودد : - يا أبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا . فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه ، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فنكفيكه . فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا وردهم ردا جميلا ، فانصرفوا عنه