وما كان محمد بقارئ ، وما كان يتلو من قبله من كتاب ولا يخطه بيمينه . ( اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الانسان من علق . اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الانسان ما لم يعلم ) . وبدأ تاريخ جديد : الرجل الذي سرى في الليل إلى غار حراء ، على مألوف عادته منذ أنكر موضع الأصنام في البيت العتيق ، وأيقن أن حياة الناس لا يمكن أن تمضي هكذا على سفه وضلال ، خرج مع الفجر من الغار ، نبيا مبعوثا بختام الرسالات . والكلمات الأولى التي تلقاها في تلك الليلة من وحي ربه ، كانت بداية كتاب معجز ، وآية نبي بشر ، ولواء عقيدة وجهت التاريخ وحررت الانسان ، وصنعت أمة وقادت حضارة . خرج المصطفى من الغار ، واتجهت به خطاه نحو بيته ، والكون من حوله ساج خاشع ، وعلى الأفق الاعلى نور الفجر الجديد ينسخ ظلمات ليل طال ، ويوشح البيت العتيق بسنى وضاء . يكشف عما تكدس في رحابه من أصنام وأوثان ، فتبدو على حقيقتها العارية ، ممسوخة بلهاء . وكان لها من ظلام الليل ستر كثيف أصم ، يخدع البصر ويزيف الرؤية . .