وتنافست القبائل في العمل ، وشارك ( محمد ) فيه فكان ينقل الحجارة مع الناقلين ، حتى إذا تم البناء ، اختلفت أحياء قريش ، فيمن يكون له شرف رفع الحجر الأسود إلى موضعه ، ومكثت على الخصومة أربع ليال أو خمسا ، ونذر الخطر تشتد منذرة بحرب ، لولا أن اقترح عليهم ( أبو أمية بن المغيرة المخزومي ) - وهو يومئذ أسن قريش ، أن يحكموا بينهم أول من يدخل من باب المسجد الحرام . فقبلوا ، وتعلقت عيونهم بالباب ، فكان محمد بن عبد الله أول من دخل . هتفوا جميعا حين رأوه : ( هذا الأمين ، هذا محمد بن عبد الله الهاشمي ، رضينا بحكمه ) . وحدثوه عما اشتجر بينهم من خلاف ، فطلب ثوبا ثم تناول الحجر الأسود فوضعه بيده في الثوب وقال : ( لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم ارفعوه جميعا ) . ولما بلغوا موضع الحجر ، وضعه محمد بيده ، نقلا من الثوب . ثم آب إلى بيته ، فكان أول ما استقبله هناك ، بشرى مولد ابنته فاطمة ، فاقترن مولدها بنجاة قريش ، على يد الأمين ، مما كان يخشى عليها من صدام وحرب [1] . بعد ذلك المشهد في البيت العتيق ، يرهف التاريخ سمعه مستوعبا