في ليال بقين من صفر ، في السنة الحادية عشرة للهجرة ، شكا المصطفى من مرض ألم به ، فحسب آل البيت النبوي والمسلمون معهم ، أنها وعكة طارئة لا تلبث أن تزول ، دون أن يتصور أحد منهم أنه مرض الموت . وثقل المرض على ( محمد بن عبد الله ) فاستأذن نساءه أمهات المؤمنين أن يمرض في بيت عائشة ، وقال : ( مروا أبا بكر فليصل بالناس ) . ولم يطل عليه المرض . أهل شهر ربيع الأول ، وخرج أهل المدينة لصلاة الصبح من يوم الاثنين ، فبينا هم في المسجد وأبو بكر يصلى بهم ، رفع الستر من باب بيت أم المؤمنين عائشة ، وخرج المصطفى عاصبا رأسه ، فما كاد الناس يلمحونه حتى كادوا يفتنون في صلاتهم برؤيته فرحا به ، لولا أن أشار إليهم أن ( أثبتوا على صلاتكم ) . وشعر أبو بكر بما كان من المصلين خلفه ، فعرف أنهم لم يصنعوا ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنكص عن مصلاه يفسح مكانه للمصطفى ، لكنه دفعه وقال : ( صل بالناس ) . وجلس صلى الله عليه وسلم عن يمين أبى بكر ، فصلى قاعدا ، حتى إذا قضيت الصلاة أقبل المسلمون على نبيهم المصطفى فرحين مستبشرين ، يهللون ويدعون ويباركون .