لكن أبا ذر لم يتخلف مختارا ، وإنما خذله بعيره بعد أن أبطأ به ، فما كان منه رضي الله عنه إلا أن أخذ متاعه فحمله على ظهره ، ومشى يتبع أثر الركب المجاهد . فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل ببعض مراحل الطريق ، نظر ناظر من المسلمين فلمح من بعيد شخصا يمشي ، فقال : - يا رسول الله ، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده . قال عليه الصلاة والسلام وهو ينظر إلى الجهة التي يشير إليها صاحبه : ( كن أبا ذر ) . فلما تأمله القوم ، قالوا : يا رسول الله ، هو والله أبو ذر ! ورد المصطفى : ( رحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده . ) [1] بلغ المصطفى بجنده المؤمنين مدينة ( تبوك ) . وهناك أتاه ( يوحنه ) صاحب أيلة ، فصالح نبي الاسلام وأعطاه الجزية . وكذلك أتاه أهل جرباء وأذرح ، فصالحوه على الجزية . وتخلف ( أكيدر بن عبد الملك النصراني ) صاحب ( دومة ) فندب له المصطفى ( خالد بن الوليد ) في كتيبة من جنده . فأخرج ( أكيدر ) أخاه في فرسان دومة للقاء كتيبة خالد ، ودار قتال سقط فيه أخو أكيدر
[1] السيرة : 4 / 167 ، وانظر أبا ذر الغفاري في طبقات الصحابة .