خرج ( عروة ) حتى أتى المصطفى عليه الصلاة والسلام في مناخه عند الحديبية ، فجلس بين يديه وقال في تؤدة ، يذكر محمد بن عبد الله بما يهدد بلدته ، أم القرى : ( يا محمد ، أجمعت أوشاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ؟ إنها قريش ، قد خرجت معها العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا . وأيم الله لكأني بهؤلاء - الذين معك - قد انكشفوا عنك غدا ) . وأنكر أبو بكر الصديق ما سمع ، فاعترض يقول من مكانه خلف الرسول : أنحن ننكشف عنه ؟ ورد ( عروة ) وقد عرفه : ( أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ، ولكن هذه بها ) . وحف الصحابة بالمصطفى وهو يرد على وافد قريش ، بمثل ما قاله لمن سبقوه : إنه لم يأت يريد حربا . وعاد ( عروة ) إلى قريش ، يحدثها عما رأى وما سمع ، من حب أصحاب محمد لمحمد ، وتفانيهم في القيام دونه : ( يا معشر قريش ، إني قد جئت كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه ، وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط ، مثل محمد في أصحابه . ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشئ أبدا ، فروا رأيكم ) .