وتتابعت رسل قريش ، تحاول أن ترد المصطفى عما جاء له ، وهو عليه الصلاة والسلام يؤكد لكل وافد منهم ، أنه ما جاء لقتال . ويعودون إلى طواغيت قريش بما قاله عليه الصلاة والسلام فيلقونهم بالمكروه من القول والاتهام . حتى ضاق ذوو الحلم بهذا التمادي في السفه والإعنات . قال أحدهم - الحليس بن علقمة ، وكان سيد أحابيش مكة - غاضبا متوعدا : ( يا معشر قريش ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم . أيصد عن بيت الله من جاء معظما له ؟ والذي نفس الحليس بيده ، لتخلن بين محمد وبين ما جاء له ، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد ) . وقال ( عروة بن مسعود الثقفي ) قبل أن يستجيب لهم فيخرج إلى المصطفى ، في محاولة أخيرة لحسم الموقف دون قتال : ( يا معشر قريش ، إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم ، من التعنيف وسوء اللفظ . وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد - أمه : سبيعة بنت عبد شمس - وقد سمعت بالذي نابكم ، فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسي ) . قالوا يحثونه على مفاوضة المصطفى ، عنهم ، ليحول دون مكة والحرب : ( صدقت ، ما أنت عندنا بمتهم ) [1] .
[1] السيرة : 3 / 327 ، تاريخ الطبري : السنة السادسة .