فيهم من كان قبل أن يشرح الله صدره للحق ، أشد الناس عداوة للاسلام وحربا للمصطفى والذين آمنوا معه . والذين تأخر إسلامهم إلى عام الفتح وغزوة حنين والطائف بعده ، وعام الوفود في السنة التاسعة للهجرة ، لم يلبثوا أن خرجوا مع الكتائب المجاهدة في الفتوح الكبرى التي حملت لواء الاسلام إلى أقصى المشرق وأقصى المغرب . كلا ، لم تكن الجبهة القرشية العربية أخطر ما واجه الاسلام في عصر المبعث ، والجبهة فيها مكشوفة والسلاح معروف ، ومنها كان يأتي المدد تباعا إلى حزب الله ، إنما كان الخطر الأكبر في الجبهة الخبيثة لأعداء البشر ومن شرب سمهم من المنافقين في المدينة : لقد حرص اليهود على ألا يواجهوا الاسلام في معركة مكشوفة ، وسهرت عصاباتهم في أوكارها الناشبة في شمال الحجاز ، تنفث سم النفاق في المدينة ، ثم تمادى بها الشر فسعت إلى قريش ، تؤلب الأحزاب منها وتستنفرها لقتال المسلمين بالمدينة ، على وعد النصرة من يهود الذين وادعهم المصطفى وأمنهم على دينهم وأموالهم . وكانت موقعة بدر ، هي التي كشفت المستور من غدرهم بعهدهم للمصطفى وفيه النص الصريح : ( وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وإن بينهم النصر