وكذلك تقرر ، من يوم بدر ، مصير الصراع في جبهة أخرى أخطر وأضرى من الجبهة القرشية ، والمعركة فيها سافرة مكشوفة والأسلحة مألوفة معروفة . لقد كان العرب القرشيون يقاتلون ببسالة ، دفاعا عن أوضاع موروثة وتقاليد راسخة وأعراف مقررة ، وغضبا لحرمة أسلافهم ، من حيث لم يهن عليهم أن يتصوروا أن أولئك الآباء الكرام ، من أمثال عبد المطلب وهاشم وعبد مناف وقصي والمغيرة وزهرة ، إلى فهر ومضر وعدنان ، كانوا على سفه وضلال . وعلى مدى السنين العشرين التي استغرقتها المعركة بين العرب المشركين والمسلمين ، في جولتيها المكية والمدنية ، كان الاسلام يستقبل من يصغي من قريش إلى ما يتلو المصطفى عليه الصلاة والسلام من آيات معجزته ، فيؤمن برسالته ويبايعه على الاسلام والبذل والجهاد . وحزب الله الذي بدأ فجر ليلة القدر من شهر رمضان ، بالمسلمة الأولى السيدة خديجة زوج المصطفى وأم المؤمنين ، ثم انضم إليه السابقون الأولون ، كان يستقبل كل يوم جنديا جديدا من الجبهة القرشية والعربية ، يعزه الله بالاسلام ويعز الاسلام به ، والمئات الثلاث من المجاهدين والأنصار الذين شهدوا بدرا تحت لواء المصطفى ، لم يلبثوا أن كثروا بمن انضم إليهم من العرب ، فدخل صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح ، في عشرة آلاف من الصحابة ،