وكان الفراق قاسيا صعبا ، وقد خانه تجلده يوم رحيلها ، فترك أخاه ( كنانة بن الربيع ) يصحبها إلى خارج مكة ، حيث كان ( زيد ابن حارثة ) في انتظارها . وانطلق ( كنانة ) يقود بعيرها نهارا وقد أخذ قوسه وكنانته متأهبا ، فهال قريشا أن يخرج بها هكذا في وضح النهار على مرأى منهم ومسمع ، وخرج بعضهم في أثر المهاجرة حتى أدركوها بذى طوى ، فكان أسبقهم إليها ( هبار بن الأسود الأسدي ) الذي روعها بالرمح ، وقد جن حزنه على إخوة له ثلاثة صرعوا جميعا في بدر بأيدي أصحاب محمد . ونخس البعير ، فألقى بزينب على صخرة هناك ، وعندئذ برك ( كنانة بن الربيع ) دونها ونثر كنانته وهو يزأر متوعدا : - والله لا يدنو منها رجل إلا وضعت فيه سهما . فتراجعوا ، ووقف أبو سفيان بن حرب بعيدا يقول لكنانة : - كف عنا نبلك حتى نكلمك . فكف كنانة ، ودنا أبو سفيان منه فقال : ( إنك لم تصب يا ابن الربيع : خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد ، فيظن الناس أن ذلك عن ذل أصابنا وأن ذلك منا ضعف ووهن . ولعمري مالنا بحبسها عن أبيها من حاجة ، ولكن ارجع بها حتى إذا هدأت الأصوات وتحدث الناس أن قد رددناها ، فتسلل بها سرا فألحقها بأبيها ) .