وأخرج من ثيابه صرة وضعها بين يدي الرسول ، ففتحها صلى الله عليه وسلم فإذا فيها قلادة لم يكد يراها حتى رق لها رقة شديدة ، وخفق قلبه للذكرى : لقد كانت قلادة ( خديجة ) أهدتها ابنتها ( زينب ) يوم عرسها ، حين زفت إلى ( أبي العاص بن الربيع ) ابن خالتها هالة بنت خويلد . وأطرق أصحاب المصطفى خشعا وقد أخذوا بجلال الموقف ! قلادة الحبيبة ، تبعثها بنت النبي إلى أبيها في فداء زوج حبيب ! وتكلم النبي الأب بعد فترة صمت فقال : ( إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها ، فافعلوا ) . أجابوا جميعا : - نعم يا رسول الله . وأدنى المصطفى إليه صهره الذي غلبه التأثر لهيبة الموقف ، فأسر إليه حديثا ، فحنى أبو العاص رأسه موافقا ، ثم حيا ومضى . فلما أبعد التفت المصطفى إلى أصحابه من حوله ، فأثنى على أبي العاص وقال : ( والله ما ذممناه صهرا ) [1] . وعاد ( أبو العاص ) إلى مكة ليجهز زوجه الحبيبة كي تلحق بأبيها المصطفى ، وفاء بوعد قطعه على نفسه ، يوم ودع أباها عليه الصلاة والسلام بالمدينة ، بعد بدر .