ومن يومها صار حليفهم الذي يدين لهم بحياته ، ويجدون فيه عميلا يسخرونه في قضاء مأربهم ، حتى فكروا في أن يتوجوه ملكا على يثرب ، وعكف بعض صناعهم في حي الصاغة اليهودي ، على إعداد تاج لهذا الموالي الحليف . وجاءت الهجرة فبددت أمله وأملهم ، وشحنت نفسه حسرة على تاجه المسلوب . ذات صباح ، من الأيام الأولى للهجرة ، ركب المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى بيت صاحبه ( سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري ) يعوده من مرض ألم به . وفى طريقه إلى بيت سعد ، مر بعبد الله بن أبي ، في مجلس له وحوله رجال من أهله . فكره عليه الصلاة والسلام أن يجاوز المجلس دون أن ينزل . فنزل وسلم على القوم ، ثم جلس قليلا فتلا آيات من القرآن الكريم ، وذكر بالله وحذر ، وبشر وأنذر . وابن أبي بن سلول ، صامت واجم . حتى إذا فرغ المصطفى مما أراد أن يقول ، بادره ( ابن أبي ) قائلا في جفوة وغلظة : - يا هذا ، إنه لا أحسن من حديثك هذا إن كان حقا . فاجلس في بيتك فمن جاءك فحدثه إياه ، ومن لم يأتك فلا تغشه في مجلسه بما يكره منه !