بقدر ما هي شاهدة على أبعاد الجبهة اليهودية ، ومدى تغلغلهم في يثرب . ولم تذكر مع ذلك غير البطون الناشبة في أحياء العرب هناك ، والمعدودة من مواليها . دون تعرض للمستعمرات اليهودية في خيبر وبني النضير وبني قريظة ، وتيماء وفدك ووادي القرى . بل لم تذكر كذلك الاحياء الخاصة بهم في صميم المدينة ، مثل حي بني قينقاع . فلنتابع الاحداث . المدينة التي فتحت قلبها للمهاجر العظيم وبايعته على الاسلام والنصرة والبذل ، كانت تتوجس الشر من عصابات يهود التي مزقت الوجود العربي هناك قبل الاسلام . وبنو قيلة ، الأوس والخزرج ، الذين فتحوا دورهم لإخوانهم المهاجرين من مكة ، كانوا في ضيق بنفر من أشراف المدينة ، ترددوا في الترحيب بهذه الهجرة التي غيرت الأوضاع وحولت مجرى الاحداث . ثم تابعوا قومهم على الاسلام ، بعد تردد وارتياب دون أن يدخل الايمان في قلوبهم عقيدة ودينا . وعلى رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول الخزرجي ، حليف اليهود من يوم بعاث . لقد افتدى نفسه وماله بدفع رهائن اليهود إليهم ، حين هجموا بعد انتصار الأوس ، على دور الخزرج يذبحون وينهبون .