وحملت ( بركة ) جثمان ( آمنة ) إلى قرية الأبواء فدفنوها هناك . واستأنف الرحلة إلى مكة واجما صامتا محزونا مضاعف اليتم . ومن وراء نحو نصف قرن ، أتاه صدى من حشرجة الاحتضار التي روعته في الفلاة ، مختلطة بهتاف الترحيب وأناشيد الاستقبال . وبنو النجار يكررون دعوته : ( هلم إلى أخوالك . ) . قال وما يزال يملا عينيه من ساحة الحي التي كانت ملعب حداثته أياما ، مع لداته من صبية بني النجار : ( خلوا سبيل ناقتي ) . إلى أين إذن ؟ إلى حيث تمضي به ناقته القصواء . وقد خطت وئيدا تشق الزحام حتى توقفت غير بعيد ، وبركت في مربد هناك لسهل وسهيل ، ابني عمرو . فحط المهاجر رحله ، وقام يصلي . على ساحة المربد الذي بركت فيه ( القصواء ) حين دخل المصطفى دار هجرته ، أمر عليه الصلاة والسلام أن يبنى هناك مسجده ، ثاني الحرمين ومزار المسلمين على مر السنين والدهور . وتنافس المهاجرون والأنصار في بنائه بما تيسر من مواد البناء :