الوثنية العربية ، وليست في ظاهر الحال أولى من بلاد أخرى كانت مهدا للأنبياء ، ومبعثا لرسالات دينية سبقت الاسلام ؟ المؤمنون لا يترددون في أن يتلوا كلمته تعالى : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) ثم لا يجدون حرجا في أن يتدبروا ، كما أمرهم دينهم ، حكمته تعالى في سننه ، وأن ينظروا في واقع الحياة قبل المبعث ، وموضع منزل الوحي في عالم كان ، حينذاك ، يريد أن ينقض ! وتاريخنا الديني يمكن أن يعطينا ما ندرك منه الحكمة في اصطفاء مكة لمبعث خاتم المرسلين . وقد كانت من قديم العصور والآباد حرما مقدسا ، وعلى أرضها قام أول بيت عبد فيه الله سبحانه على الأرض . ولا ندري تماما ، الظروف التي تداعى فيها بنيان ذلك البيت العتيق ، ونفذت إليه ظلال وثنية دنست حرمه ، حتى تلقى ( إبراهيم الخليل ) أمر ربه بأن يرفع ، هو وولده إسماعيل ، القواعد من البيت ويطهراه للطائفين والعاكفين والركع السجود . وبأمر الله تعالى ، أذن إبراهيم في الناس بالحج إلى البيت العتيق ، فأتوه رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق . ومن ذلك الزمن الموغل في الماضي السحيق ، رسخت مكانة مكة في تاريخنا الديني . ولكن الوثنية عادت فتسللت إلى حرمها ، مع أوثان وأصنام كانت في أول الامر رموزا للخالق المعبود ، ثم فقدت رمزيتها وصارت معبودات .