2 - وهناك بعض الآيات تشير إلى ذلك أيضاً ، كقوله تعالى : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) [1] . . وذلك لأن هناك نوعان من الوحوش : أحدهما : ما يكون طعامه لحوم الحيوانات الأخرى ، وتكون حياته قائمة على ذلك بحسب فطرته . فهذا النوع لا يلام على مبادرته للافتراس لأن قوام حياته يكون بذلك ، وذلك كالأسد ، وأمثاله . . من الحيوانات والطيور . . لكن لو اعتدى هذا الحيوان على نظيره الذي لم يجعله الله طعاماً له ، أو اعتدى آكل العشب على الحيوانات الأخرى ، وأراد افتراسها وأكلها ، ولم تجعل من طعامه بحسب فطرته . . فإن الله يعاقبه على ذلك ، ويقتص له منه ، لتجاوزه حدود فطرته . . وهذا التجاوز منه يحتّم جعل الروادع له . . وواضح : أن الله سبحانه لا يعاقبها في الآخرة إلا إذا كانت تعي الوعيد بالعقوبة ، بحسب ما يناسب حالها ، فيعاقبها الله ثم تعود رميماً ، ولا يكون لها لا جنة ، ولا نار . وهكذا كان حال الإنسان أيضاً ، فإن الله قد جعل له لحوم بعض الحيوانات طعاماً ، على أن يميتها بطريقة معينة هي التذكية الشرعية ، فإن تجاوز ذلك وأراد التعدي على غيرها ، أو أراد إماتتها بغير الطريق الشرعي ، فإنه سيعاقب على هذا التعدي . . ولكن له جنة وله نار بخلاف سائر الحيوانات .