تَبْرَحُون ، ونأمُرُكم فتَأْتَمِرُونَ ، حتى دارَتْ لكم بِنا رَحَى الإسلام ، ودَرَّ حَلَبُ الأيَّام ، وخَضَعتْ نَخْوةُ الشِّرْك ، وباخَتْ نِيرانُ الحرْب ، وهَدأتْ رَوْعَةُ الهَرْج ، واسْتَوْسَقَ نِظامُ الدِّين .فأنَّى جُرْتُم بعد البَيان ، ونَكَصْتُم بعدَ الإقْدام ، عن قوم نكثُوا أيمانَهم ، ( أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ ) [1] .ألا قد أرَى - واللهِ - أنْ قد أخْلدتُم إلى الخَفض ، ورَكَنْتُم [2] إلى الدَّعةِ ، وعُجْتُم عن الدِّين ، ومَجَجْتُم الذي عَرفْتُم ، ولَفَظْتُم [3] الذي سوِّغْتُم ، ف ( إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ) [4] .ألا وقد قُلْتُ الذي قلتُ ; على معرفة بالخِذْلة التي خامَرتْكم ، ولكنَّها فَيْضَةُ النَّفْسِ ، ومُنْيةُ الغَيْظِ ، وَنَفْثَةُ الصَّدْرِ ، ومَعْذِرةُ الحُجَّة ، فدُونكم فاحْتَقِبوها مُدْبِرةَ الظَّهْرِ ، مَهِيضَةَ العَظْمِ ، خَوْراءَ القَناةِ ، ناقَبة الخُفِّ ، باقيةَ العارِ ، موصولةً بشَنارِ الأبد ، متَّصلةً بنارِ الله ، فبعَيْنِ اللهِ ما تَفْعلُون ، واعْمَلُوا إنا عامِلون ، وانْتظِرُوا إنَّا مُنْتَظِرُون ، وأنا ابْنةُ نَذير لكم بين يَدَيْ عذاب شَديد ، ( فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ) [5] ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ ) [6] ثمّ انْكَفأتْ إلى قبر أبيها ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، متمثلةً بقول صفيَّة بنت عبد المطلب ، وقيل : أُمامة :
[1] سورة التوبة : 13 . [2] بحاشية الأصل : « وخُلبْتم بالدعة » . [3] بحاشية الأصل : « ودسعتم » . [4] سورة إبراهيم : 8 . [5] سورة هود : 55 . [6] سورة الشعراء : 227 .