وأحيوا سنن الملوكية بكل ما فيها من التواء وانحراف عن خط الرسالة وصفاء التعاليم السماوية المباركة ، وسموا أنفسهم خلفاء ، ويشهد التاريخ ( كالكامل وغيره ) على سيرتهم غير المرضية ، وأن منهاج الشريعة وبرامج الإسلام لا يمكن أن تنجب حكومات كهذه الحكومات ، أو تعترف بها وبشرعيتها ، كما لا يمكن أن تنجب من يعترف بشرعيتها ويدافع عنها . فالإسلام والمسلم لا يفخر بهؤلاء ، بل يفخر بمبادئه السامية البناءة ، ومثله العليا ، وقيمه الرفيعة ، ورجاله المؤمنين ، الذين أدركوا حقيقة رسالة الإسلام ، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان . فما هي صلة ملوك بني أمية وبني العباس في سيرتهم وسلوكهم الحكومي والسياسي والمالي بالإسلام ؟ وما عذرنا عند الباحثين في مبادئ الإسلام وتاريخه إن اعتبرنا حكومة هؤلاء شرعية ، واعتبرناهم مثلا لسياسة الحكم والإدارة واحترام حقوق الإنسان ومبدأ المساواة والمواساة الإنسانية في الإسلام ، ومظهرا بارزا من مظاهر التربية الإسلامية ؟ فما يريد من قبر هارون والمأمون والأمين والمتوكل والوليد ومعاوية ويزيد وعبد الملك وأمثالهم ، من لم يكن في قلبه مرض وهوى نفسه مع الحكام الجبابرة ، الذين استكبروا في الأرض وعتو عتوا كبيرا ؟ والمناهج التربوية الإسلامية أسمى وأنزه من أن تؤيد حكاما وقادة ، يستضعفون الناس ، ويتجاهرون بالفسق من الخمر والميسر ، والظلم بمصادرة أموال الناس وقتل النفوس البريئة ، ولم يكن هؤلاء أحسن سيرة ممن يتولون اليوم أمور المسلمين باسم الملك أو الأمير أو القائد . فهل تسمح يا أخي أن تسند سيرهم التي يعلن عنها في الإذاعات ، وعلى شاشات التلفاز والصحف والمجلات ، وسائر وسائل الإعلام ، إلى الإسلام ، وتقول إن الإسلام ونظامه التربوي ، يرتضي حاكما يرقص مع النساء الأجنبيات في النوادي والحفلات والمجالس الرسمية ، ويأتي بالمغنيات والراقصات المحسوبات على المسلمات في مجالس ضيافته للكفار ، ولا يحترم السنن الإسلامية ،