بين بنته وبين غيرها بالطباع التي تنفر من الحسن والقبيح ، لما جاز أن ينكره بلسانه ، ثم ما جاز أن يبالغ في الانكار ، ويعلن به على المنابر ، وفوق رؤس الاشهاد ، ولو بلغ من إيلامه لقلبه كل مبلغ فما هو اختص في الحلم والكظم ، ووصفه الله به من جميل الأخلاق وكريم الآداب ينافي ذلك ، ويحيله ، ويمنع من إضافته إليه وتصديقه عليه . وأكثر ما يفعله مثله في هذا الامر إذا ثقل عليه ، أن يعاقب عليه سرا ، ويتكلم في العدول عنه خفيا على وجه جميل ، ويقول لطيف . وهذا المأمون الذي لا قياس بينه وبين الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وقد أنكح أبا جعفر محمد بن علي - عليهما السلام - بنته ، ونقلها معه إلى مدينة الرسول - صلى الله عليه وآله - لما ورد كتابها عليه تذكر أنه قد تزوج عليها أو تسرى ، يقول مجيبا لها ، ومنكرا عليها : إنا ما أنكحناه لنحظر عليه ما أباحه الله تعالى . والمأمون أولى بالامتعاض من غيرة بنته ، وحاله أجمل للمنع من هذا الباب ، والانكار له . فوالله إن الطعن على النبي - صلى الله عليه وآله - بما تضمنه هذا الخبر الخبيث ، أعظم من الطعن على أمير المؤمنين - عليه السلام - . وما صنع هذا الخبر إلا ملحد قاصد للطعن عليهما ، أو ناصب معاند لا يبالي أن يشفي غيظه بما يرجع على أصوله بالقدح والهدم . على أنه لا خلاف بين أهل النقل أن الله هو الذي اختار أمير المؤمنين - عليه السلام - لنكاح سيدة النساء - صلوات الله وسلامه عليها - ، وأن النبي - صلى الله عليه وآله - رد عنها جلة أصحابه ، وقد خطبوها وقال - صلى الله عليه وآله - : " إني لم أزوج فاطمة عليا حتى زوجها الله إياه في سمائه " ، ونحن نعلم أن الله سبحانه