الوثيقة التاريخية ، والأحاديث النبوية ، فمتابعة الدليل والبرهان ، والقول بالحق ، أولى من القول بلا دليل ، والمكابرة في الأمور الجلية ، فالجيل المعاصر يرد كل قول لا يدعمه دليل ، ولا يقبل إلا ما أدى إليه أعمال الفكر الحر 12 . وتبرئة أم المؤمنين من أوزار حرب الجمل ، ليست من العقائد الاسلامية ، حتى يطلب ممن لا يراها الاعتقاد بها . وليت شعري إن كان الفريقان في حرب الجمل وصفين مجتهدين فمن الباغي منهما ؟ أم كيف يجوز الاجتهاد قبال الإمام علي - عليه السلام - الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " علي مع الحق ، والحق مع علي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة " ، " علي مع القرآن ، والقرآن مع علي ، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض " ، وهل الاجتهاد الممنوع في مقابل النص ، سوى هذا ؟ ففي مسأله كهذه - التي هي من القضايا التي قياساتها معها ومع هذه الوثائق التاريخية ، لا يليق بمسلم أن يطلب من غيره الحكم لطرف معين ، ويسير في بحثه وتنقيبه سيرا ينتهي به إلى نتيجة معينة قبل البحث ، بل يجب أن يطلب من الباحثين ، ترك العصبية ، وتشجيعهم على حرية التفكير . والغرض من ذلك كله ، أن اختلاف الآراء في مثل هذه المسائل ، لا يمنع من التقريب واتحاد المسلمين ، ولا يمكن حسم هذه الاختلافات ما دام التاريخ في معرض المطالعة والبحث . فكل من يراجع التاريخ ، خاصة في العصر الحاضر ، ولم يقنع بتبرئة أم المؤمنين
( 12 ) راجع في ذلك ما كتبناه في " صوت الحق ودعوة الصدق " .