بعض الناس من بعض ، وبعض الأنبياء من بعض ، وبعض الأئمة من بعض ، إنما يكون بقول مطلق في الصفات النفسية ، والخصائص الذاتية ، والتخلق بالأخلاق الإلهية ، إذا كان المفضل في كل هذه الكمالات أقوى وأفضل من غيره ، وأما في غيرها من الفضائل فربما لا يوجد من يكون باعتبار جميع العناوين والأوصاف أفضل من غيره . فإن الامام عليا - عليه السلام - أفضل من ابنيه سبطي نبي الرحمة من جهة انه ابن عم الرسول ، وزوج البتول ، وأبو السبطين ، فليس لهما ابن عم كابن عم أبيهما ، وزوجة كزوجته ، وابنين كابنيه ، وهما أفضل من الامام - عليه السلام - من جهة ان لهما أبا مثل الامام ، وجدا مثل الرسول - صلى الله عليه وآله - ، وأما مثل سيدة نساء العالمين ، وليس للأمير - عليه السلام - هذه الفضائل . وجعفر الطيار الشهيد أفضل من أخيه الامام من جهة ان له أخا كالامام ، وليس للامام أخ كأخي جعفر - رضي الله عنه - . و مسألة تولية الإمام الجواد - عليه السلام - والإمامة في صغر السن فضيلة ، وإن شئت قل أفضلية من هذا القبيل . فالامام أبو الحسن الرضا - عليه السلام - استشهد وابنه الإمام الجواد - عليه السلام - في صغر السن لابد له من تولي الإمامة بعد أبيه ، وقيامه مقامه ، لأنه وسائر الأئمة - عليهم السلام - في مؤهلات تولي الامر في حال صغرهم وكبرهم سواء . ومن هنا يعلم أن نبوة عيسى ويحيى في صغرهما ، وكونهما صبيين لا يدل على أفضليتهما من غيرهما من الأنبياء ، لان نبوتهما في حال الصغر ليس لأنهما استأهلا لذلك ، وغيرهما ممن صار نبيا بعد ما بلغ أشده لم يستأهل لذلك في حال الصغر ، بل ربما كان ذلك لحكمة ومصلحة اقتضت ذلك فيهما ، وتلك في غيرهم . فبقاء النبي في القوم أربعين