ومن هذه الآيات ، قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " . 34 وهذه الآية دلت على إطاعة الرسول ، وأولي الامر ، في كل ما يأمرون به وينهون عنه ، ولو لم يكونوا معصومين لزم الامر بإطاعة غير المعصوم ، والامر بإطاعته قبيح لكونه معرضا للامر بالقبيح والنهي عن الحسن . ومنها قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " . 35 فإنه يدل على وجوب الكون مع الصادقين ، والكون معهم عبارة عن متابعة أقوالهم ، والاقتداء بأفعالهم ، والتزم سيرتهم ، وعدم مفارقتهم . فيجب أولا : عدم خلو الزمان منهم ، وثانيا : كونهم معصومين عن المعاصي والخطأ والسهو ، بل وترك الأولى . وقد روى من طرق الشيعة وأهل السنة ان الصادقين هم أئمة أهل البيت - عليهم السلام - . 36 وللفخر الرازي في تفسيره الكبير كلام حول تفسير هذه الآية ، يؤيد بالافصاح مذهب الشيعة الإمامية ، وكلامه في غاية التحقيق ، ولا عبرة بما قال في ذيل كلامه من الجواب عما تفطن به ، فإنه في غاية الضعف ويستبعد خفاء ضعفه عن مثله . فلعله إنما قاله خوفا من النواصب الذين يرون إنكار فضائل أهل بيت النبي - صلى الله عليه
( 34 ) النساء / 59 . ( 35 ) التوبة / 119 . ( 36 ) يراجع في ذلك شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ، ج 1 ، ص 262 - 259 ، والدر المنثور للسيوطي ، ج 3 ، ص 90 ، وخصائص الوحي المبين لابن بطريق ، الفصل الثالث والعشرون ، ص 136 ، وغيرها من كتب أعلام الشيعة وأهل السنة . ولابن بطريق هنا استدلال لطيف استخرجه من الآية على أن الأمان والتقوى لا ينفعان إلا بعد الكون مع أمير المؤمنين علي - عليه السلام - .