responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحببيب ( الخصائص الكبرى ) نویسنده : جلال الدين السيوطي    جلد : 1  صفحه : 117


على أن يأتوا بمثله وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا وكانوا احرص شيء على إطفاء نوره وإخفاء أمره فلو كان في مقدرتهم معارضته لعدلوا إليها قطعا للحجة ولم ينقل عن أحد منهم انه حدث نفسه بشيء من ذلك ولا رامه بل عدلوا إلى العناد تارة وإلى الاستهزاء أخرى فتارة قالوا سحر وتارة قالوا شعر وتارة قالوا أساطير الأولين كل ذلك من التحير والانقطاع ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم وسبي ذراريهم وحرمهم واستباحة أموالهم وقد كانوا آنف شيء وأشده حمية فلو علموا ان الإتيان بمثله في قدرتهم لبادروا إليه لأنه كان أهون عليهم قال الحافظ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أكثر ما كانت العرب شاعرا وخطيبا وأحكم ما كانت لغة وأشد ما كانت عدة فدعا أقصاها وأدناها إلى المعارضة ثم نصب لهم الحرب فدل ذلك العاقل على عجز القوم مع كثرة كلامهم واستحالة لغتهم وسهولة ذلك عليهم وكثرة شعرائهم وخطبائهم لأن سورة واحدة وآيات يسيرة كانت أنقض لقوله وأفسد لأمره وأسرع في تفريق أتباعه من بذل النفوس والخروج من الأوطان وانفاق الأموال وقد اختلف الناس في الوجه الذي وقع به إعجاز القرآن على أقوال بينتها مبسوطة في كتاب الإتقان والملخص انه وقع بعدة وجوه منها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إعجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن ومنها صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له ومنها ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد ومنها ما أنبأ به من أخبار القرون الماضية والشرائع السالفة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك فيورده صلى الله عليه وسلم على وجهه ويأتي به على نصه وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب ومنها ما تضمنه من الأخبار عن الضمائر كقوله تعالى « إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا » وقوله تعالى « ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول » ومنها آي وردت بتعجيز قوم في قضايا وإعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا ولا قدروا كقوله في اليهود ( ولن يتمنوه أبدا ومنها ترك المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة ومنها الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم والهيبة التي تعتريهم عند سماع تلاوته كما وقع لجبير بن مطعم انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور قال فلما بلغ هذه الآية أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون إلى قوله « المصيطرون » كاد قلبي يطير قال وذلك أول ما وقر الإسلام في قلبي ومنها أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه بل الإكباب على تلاوته يزيد حلاوة وترديده يوجب له محبة وغيره من الكلام يعادي إذا أعيد ويمل مع الترديد ولهدا وصف صلى الله عليه وسلم القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الرد ومنها كونه آية باقية لا يعدم ما بقيت الدنيا مع تكفل الله بحفظه ومنها جمعه لعلوم ومعارف لم يجمعها كتاب من الكتب ولا أحاط بعلمها أحد في كلمات قليلة وأحرف معدودة ومنها جمعه بين صفتي الجزالة والعذوبة وهما كالمتضادين لا يجتمعان في كلام البشر غالبا ومنها جعله آخر الكتب غنيا من غيره وجعل غيره من الكتب المتقدمة قد تحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه

117

نام کتاب : كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحببيب ( الخصائص الكبرى ) نویسنده : جلال الدين السيوطي    جلد : 1  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست