هارون يقوم به ولم يستثن عليه إلا النبوة كما أخبر الله تعالى : ( واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزرى وأشركه في أمري ) وقال في استخلافه له ( أخلفني في قومي وأصلح ولا تنبع سبيل المفسدين ) فثبتت له خلافته بمحكم التنزيل فجعل له النبي ( ص ) كل ما لهارون عليه السلام عدا النبوة وجعل له استخلافه وشد أزره وشركته في أمره وقيامه بنصره ، وأمثال هذا كثير يرد في مواضعه من هذا الكتاب بحول الله وقوته . فكانت إمامته بعد النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين سنة ، منها أربع وعشرون سنة وأشهر ممنوعا من التصرف آخذا بالتقية والمداراة ، محلا عن مورد الخلافة قليل الأنصار ، كما قال فطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء . ( يقال أرتأي في الامر إذا تفكر فيه ونظر وجه المصلحة فاتاه والجذ : القطع ، والجذاء المقطوعة ، والطخية قطعة من سحاب : والطخياء الليلة المظلمة . ومنها خمس سنين وأشهر ممتحنا بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين ، مضطهدا بفتن الضالين واجدا من العناء ما وجده رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثلاث عشرة سنة من نبوته ممنوعا من أحكامها خائفا ومحبوسا وهاربا ومطرودا ، لا يتمكن من جهاد الكافرين ولا يستطيع الدفع عن المؤمنين ، وأقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهدا للكافرين ، ممتحنا بالمنافقين وسيرد تفصيل هذا فيما بعد أن شاء الله ( ذكر نسبه عليه السلام من قبل أبيه ) وهو أبو الحسن علي بن أبي طالب واسم أبى طالب عبد مناف بن عبد المطلب . واسم عبد المطلب شيبة الحمد . وكنيته أبو الحارث ، وعنده يجتمع