وعلي أخذها عن النبي صلى الله عليه وآله . وأما النحو فقد عرف الناس قاطبة ان عليا عليه السلام هو الواضع الأول الذي اخترعه وابتدعه ونصبه علما لأبي الأسود ووضعه . وأما علم البلاغة والبيان فهو فارسه المجلي في ميدانه ، والناطق الذي تقر الشقاشق عند بيانه ، والبحر الذي يقذف بجواهره ، ويحكم على القلوب باتباع نواهيه وأوامره ، ويدل على الخيرات بترغيباته ، وينهى عن المنكرات بقوارعه وزواجره ، ومتى شئت أن تجعل الخبر عيانا فدونك نهج البلاغة ، فهو دليل واضح ونهج إلى البلاغة لائح ، ولولا اشتهاره ووجوده لأفردت لشئ منه فصلا يعرف منه مقداره ، ويعلم انه الجواد الذي لا يدرك شأوه ولا يشق غباره . وأما علم تصفية الباطن وتزكية النفس فقد أجمع أهل التصوف من أرباب الطريقة وأصحاب الحقيقة ، ان انتساب خرقتهم إليه . ومعولهم في سلوك طرقهم عليه . وأما علم التذكير بأيام الله والتحذير من عذابه وعقابه ، فالمقتدي به في ذلك الحسن البصري ، وكان تلميذا له عليه السلام وبذلك كان شرفه وفخره ، وبه طلع بين المذكرين فجره . وأما علم الزهد والورع فقد كان في الصحابة جماعه من الزهاد كأبي الدرداء وأبي ذر ، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم ، وكانوا جميعا تلامذة لعلي ، بمحمد صلى الله عليه وآله اهتدوا وبعلي اقتدوا ، وسأذكر فصلا في زهده عليه السلام إن شاء الله . وأما علم مكارم الأخلاق وحسن الخلق فإنه عليه السلام بلغ في ذلك الغاية القصوى حتى قال عنه أعداؤه فيه دعابة وانه امرؤ تلعابة ، وإنما كانت سهولة أخلاقه مع ذوي الدين وصالحي المؤمنين ، وأما من كان من غيرهم فإنه كان