responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كربلاء ، الثورة والمأساة نویسنده : أحمد حسين يعقوب    جلد : 1  صفحه : 198


الله وسنة رسوله ، يعتبرها الخليفة غلطة كبرى ويضرب عنقه [1] .
قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : قال جابر بن عبد الله الأنصاري : " لما خفت بسر بن أرطأة ، تواريت عنه فقال لقومي : " لا أمان لكم عندي حتى يحضر جابر فأتوني وقالوا : ننشدك الله لما انطلقت معنا فبايعت ، فحقنت دماءنا ودماء قومك ، فإنك إن لن تفعل ، قتلت مقاتلينا ، وسبيت ذرارينا ، فاستنظرتهم الليل ، فلما أمسيت دخلت على أم سلمة ( إحدى زوجات الرسول ) فأخبرتها الخبر ، فقالت : " يا بني انطلق ، أحقن دمك ودم قومك ، فإني قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع وإني لأعلم أنها بيعة ضلالة " [2] هذه الواقعة تدلك بوضوح على طبيعة تعامل الخليفة وأركان دولته مع المسلمين ، وعلى استهتاره بحياتهم ووجودهم وكرامتهم الإنسانية ، فإن تغيب فرد من أفراد العشيرة أو الجماعة عن تنفيذ أمر الخليفة ، فليس ما يمنع الخليفة ، من أن يقتل المقاتلة ويسبي الذرية ، فأنت أمام حالة من الإرهاب والقمع ، لا مثيل لها في التاريخ ، لقد ضاعت الأقلية المؤمنة وذلت ، وشلت حركتها شللا كاملا ، وخرج كل فرد من أفرادها باجتهاد مفادة أن الصبر أولى ، والحياة خير من الموت ، وطارت الأكثرية خلف مصالحها الدنيوية كل مطار ، وضحت من أجل تلك المصالح بنعمة الحرية التي كانت تتمتع بها حتى في الجاهلية ، وضحت بالكرامة ، وبالكثير من القيم الإنسانية التي كانت تفخر بها حتى في الجاهلية مثل : النخوة ، والشهامة ، والإباء ، وإغاثة الملهوف .
لقد اختلطت الأوراق اختلاطا عجيبا ، فالأمة كلها تقف مع الخليفة الغالب أو تتظاهر بالوقوف معه ، والأمة كلها تخشى الخليفة وأركان دولته خشية الموت ، لقد مات إحساسها ولا فرق عندها أأصاب الخليفة أم أخطأ ، أكان على الحق أو على الباطل ، تماما كقوم فرعون ، وما يميز قوم فرعون عن رعية الخليفة أنه كان في قوم فرعون رجال يكتمون إيمانهم ، وينصحون فرعون وقومه علنا ، ويخوفون



[1] المصدر السابق .
[2] راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 157 .

198

نام کتاب : كربلاء ، الثورة والمأساة نویسنده : أحمد حسين يعقوب    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست