نام کتاب : كربلاء ، الثورة والمأساة نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 197
الجميع ، مجتمعين ومنفردين بيد الخليفة وأركان دولته وقد يكون الرزق أو العطاء الشهري هو الدخل الوحيد للأكثرية الساحقة من أفراد رعايا دولة الخلافة ، صحيح أن هنالك حفنة من الناس لا يتجاوز عددهم المائة ، يملك كل واحد منهم الملايين بل المليارات من الدنانير الذهبية كعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة والزبير . . ولكن بقية أفراد الأمة يحصلون على رغيفهم المجبول بالذل والهوان يوما بيوم بعد أن يدفعوا أعلى الضرائب : دينهم ، وشرفهم ، وكرامتهم ، ثمنا لهذا الرغيف ، ومن الطبيعي بأن تكون على كل واحد منهم التزاماته الخاصة لمحبيه ، وأطفاله الذين يحبهم ، ورغبته الجامحة بأن يبقى إلى جانبهم ليحميهم ويطعمهم . في هذا المناخ ذلت رقاب المسلمين ذلا لم تذق أمة من أمم الأرض مر ذل كذل المسلمين ، ومات عندهم الشعور العام ، وتخدرت كافة أحاسيسهم فاستمرأوا الذل ، واستمرأوا الحياة مع الذل ، وأدمنوا بحبها ، وارتاحوا إلى القول بأن هذا قضاء الله وقدره ، وأن الصبر نصف الإيمان ، وأن طاعة الخليفة واجبة كطاعة الرسول ! ! ! . من يتتبع تاريخ دولة الخلافة يجد أن أكبر الكبائر ، بل وكل الكبائر كانت قد ارتكبت في مجتمع دولة الخلافة من قبل الخليفة وأركان دولته وبأعصاب باردة ودون أن يحسبوا أي حساب لأحد ، ونادرا ما تجد رجلا واحدا قد أنكر هذه الكبيرة أو تلك ! ! لماذا ؟ لأن كل فرد مقيد اقتصاديا بغل لا مثيل له ، ومقيد اجتماعيا ، وسياسيا ، فهو قن وعبد مملوك بذاته وحاضره ومستقبله ، يتصرف الخليفة تصرف المالك بعبيده ! ! قد يندهش بعض القراء ويرى أن في كلامنا شيئا من المبالغة ! ! لكن ما قلناه هو الحقيقة بعينها ، فقد يأمر الخليفة ولاته بأن يأخذوا البيعة له من المسلمين على إنهم أقنان وعبيد له بالفعل ، يتصرف بهم تصرف المالك بأقنانه وعبيده ، فقد أخذ مسلم بن عقبة البيعة من أهل المدينة ، على أنهم فئ لأمير المؤمنين يفعل في أموالهم وذراريهم ما يشاء [1] فإذا قال أحد من المسلمين : بل أبايعك على كتاب