نام کتاب : كربلاء ، الثورة والمأساة نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 112
إذا بدأت المعركة ، وأمرهم الإمام الحسين بالقتال قاتلوا بشجاعة تفوق حد التصور والوصف حتى قتلوا عن بكرة أبيهم بين يديه دفاعا عنه وعن أهل بيته . ونحن لا نعلم الكثير عن السيرة الشخصية لكل واحد منهم ، لكن العقل والنقل والوجدان يشير إلى أنهم نخبة ، وصفوة ، وقلة مؤمنة ، لا يدانيها بالعظمة والإيمان إلا شهداء بدر ، وقد وصفهم أحد قادة جيش عمر بن سعد بن أبي وقاص في معرض نهيه عن قتال المبارزة قائلا لجنوده : " ويلكم يا حمقاء مهلا أتدرون من تقاتلون ؟ إنما تقاتلون فرسان المصر ، وأهل البصائر ، وقوما مستميتين " [1] . فهذه شهادة من عدوهم ، فهو يشهد أن النخبة التي وقفت مع الإمام الحسين هم فرسان البلاد ، وكانت الفروسية أعظم مفاخر ذلك العصر ، ويشهد أيضا بأن النخبة التي قاتلت مع الحسين هم أهل البصائر في البلاد ، وأهل البصائر : مصطلح يطلق على من بلغوا قمة الوعي والثقافة الإنسانية ، أي أنهم الحكمة ، ويشهد عدوهم بأنهم مستميتون أي يقاتلون قتال من يريد الموت ، ولا يقاتل مثل هذا القتال إلا الصفوة التي امتحن الله قلوب أفرادها للإيمان والمحسنون الذين يعبدون الله كأنهم يرونه ، ويشتاقون للموت طمعا بالجنة ورضوان الله . إنهم نماذج بشرية فريدة من نوعها ، عاشوا حياتهم بشرف وعز وتركوها بقمة العز والشرف . ولولاهم لكلل جبين الأمة الإسلامية أمام الأمم بالخزي والعار ، ولقالت الأمم : أية أمة تلك الأمة التي يقتل ابن نبيها وآله الذين يذكرونهم في صلاتهم ولم ينصره أحد من أفرادها ! ! ! القلة التي تعاطفت مع الإمام الحسين ولكنها لم تقف معه ! ! : بينا أن القلة أو الأقلية من الأمة الإسلامية التي أيدت الإمام الحسين فئتان : إحداهما وقفت وقفة عز مع الحسين ، فقاتلت معه ودونه حتى قتلت عن بكرة أبيها ، دفاعا عنه وعن آل محمد وأهل بيت النبوة ، وثانيهما تعاطفت معه ، وتمنت نصره ، ولكنه قعدت عن نصرته ، ومع هذا فقد تأثرت تأثرا بالغا لما تناهت إلى