فغضب الله تعالى للمؤمن فأوحى إلى إدريس عليه السلام ان ائت عبدي الجبار فقل له : اما رضيت ان قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه ، فأحوجت ( 1 ) عياله من بعده وأجعتهم ( 2 ) ، أما وعزتي لأنتقمن له منك في الاجل ، ولأسلبنك ملكك في العاجل ، ولا طعمن الكلاب من لحمك ، فقد غرك حلمي ، فاتاه إدريس عليه السلام برسالة ربه ، وهو في مجلسه و حوله أصحابه . فقال الجبار : اخرج عنى يا إدريس ، ثم أخبر امرأته بما جاء به إدريس صلوات الله عليه ، فقالت : لا تهولنك رسالة إدريس انا ارسل إليه من يقتله وأكفيك امره ، وكان لإدريس صلوات الله عليه أصحاب مؤمنون يأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم بوحي الله ورسالته ( 3 ) إلى الجبار ، فخافوا على إدريس منه . ثم بعثت امرأة الجبار أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوا إدريس ، فأتوه فلم يجدوه في مجلسه ، فانصرفوا ورآهم أصحاب إدريس ، فأحسوا بأنهم يريدون ( 4 ) قتل إدريس عليه السلام ، فتفرقوا في طلبه وقالوا له : خذ حذرك يا إدريس ، فتنحى عن القرية ( 5 ) من يومه ذلك و معه نفر من أصحابه ، فلما كان في السحر ناجى ربه ، فأوحى الله إليه ان تنح عنه وخلني و إياه قال إدريس صلوات الله عليه : أسألك ان لا تمطر السماء على أهل هذه القرية ، وان خربت وجهدوا وجاعوا . قال الله تعالى : إني قد أعطيتك ما سألته ، فأخبر إدريس أصحابه بما سال الله من حبس المطر عليهم وعنهم ، وقال : اخرجوا من هذه القرية إلى غيرها من القرى ، فتفرقوا وشاع الخبر بما سال إدريس عليه السلام ربه . وتنحى إدريس إلى كهف في جبل شاهق ، ووكل الله تعالى ملكا يأتيه بالطعام عند كل مساء ، وكان يصوم النهار ، وظهر في
1 - في ق 2 : فأخرجت . 2 - في ق 3 : وأحوجتهم وفي 4 : وأفجعتهم . 3 - في ق 2 وق 4 وق 5 : ورسالاته . 4 - في ق 2 : أرادوا . 5 - في ق 3 : عن القوم .