نام کتاب : قصص الأنبياء نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 127
والمقصود أن عادا كانوا جفاة كافرين ، عتاة متمردين في عبادة الأصنام ، فأرسل الله فيهم رجلا منهم يدعوهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والاخلاص له ، فكذبوه وخالفوه وتنقصوه ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر . فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره ، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة ، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة " قال الملا الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة " أي هذا الامر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق ، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك . " قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين " ، أي ليس الامر كما تظنون ولا كما [1] تعتقدون " أبلغكم رسالات ربى وأنا لكم ناصح أمين " والبلاغ يستلزم عدم الكذب في أصل المبلغ ، وعدم الزيادة فيه والنقص منه ، ويستلزم أداءه [2] بعبارة فصيحة وجيزة جامعة مانعة لا لبس فيها ولا اختلاف ولا اضطراب . وهو مع هذا البلاغ على هذه الصفة في غاية النصح لقومه والشفقة عليهم والحرص على هدايتهم ، لا يبتغى منهم أجرا ولا يطلب منهم جعلا ; بل هو مخلص لله عز وجل في الدعوة إليه والنصح لخلقه ، لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله ، فإن خير الدنيا والآخرة كله في يديه وأمره إليه