كان أبو سفيان شيخ المؤلبين على حرب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد بدر ، فعل ذلك أثناء جمعه جموعهم وأثناء تأليبه إياهم وفي اخراجه النساء معهم إلى أحد ، وقد مروا بالأبواء في طريقهم إلى أحد فاقترح عليهم أبو سفيان أن ينبشوا قبر آمنة بنت وهب أم الرسول ( وكانت قد توفيت هناك وهي راجعة بالرسول ، وعمره صلّى الله عليه وآله وسلّم سنتان إلى مكة بعد زيارتها لإخوانها من بني عدي بن النجار ) . وقال أبو سفيان لهم : فان يصب محمّد من نسائكم احداً قلتم هذه رمة أُمّك ، فان كان باراً كما يزعم فلعمري ليفادينكّم برمة أمه ، وإن لم يظفر بإحدى نسائكم فلعمري فليفدينّ أمه بمال كثير ، فاستشار أبو سفيان أهل الرأي من قريش من ذلك فقالوا : لا تذكر من هذا شيئاً " [1] . وعندما اشتبك المسلمون مع المشركين في أحد ، صاح الشيطان : " إنّ محمّداً قد قتل " فقال أبو سفيان بن حرب : يا معشر قريش ، أيكم قتل محمّداً ؟ قال ابن قميئة : أنا قتلته ، قال : نسورك [2] كما تفعل الأعاجم بأبطالها ، وجعل أبو سفيان يطوف بأبي عامر الفاسق في المعركة هل يرى محمّداً بين القتلى . . . قال أبو سفيان : ما نرى مصرع محمّد ولو كان قتله لرأيناه ، كذب ابن قميئة [3] وقتل أبو سفيان من خيار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سبعين ما بين مهاجري ، وأنصار ، منهم أسد الله حمزة بن عبد المطلب بن هاشم [4] . ولما عزم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على فتح مكة ، ولجأ أبو سفيان إلى
[1] الصراع بين الأمويين ومبادئ الاسلام ص 23 ، والعروبة في دار البوار ص 113 . [2] سوره : ألبسه السّوار . [3] المغازي للواقدي ج 1 ص 236 . [4] النّزاع والتخاصم للمقريزي ص 17 .