وأصبح القوم على قتالهم ، وكسفت الشمس ، وارتفع القتام ، وتقطعت الألوية والرايات ولم يعرفوا مواقيت الصلاة ، وغدا الأشتر يرتجز وهو يقول : < شعر > نحن قتلنا حوشبا * لما غدا قد أعلما وذا الكلاع قبله * ومعبدا إذ أقدما إن تقتلوا منا أبا اليقظان * شيخاً مسلما فقد قتلنا منكم * سبعين رأساً مجرما أضحوا بصفين وقد * لاقوا نكالا مؤلما " [1] < / شعر > ومن كلام لأمير المؤمنين قال الشريف الرضي : إنّ المشهور أنه قاله لأصحابه ليلة الهرير : " معاشر المسلمين استشعروا الخشية ، وتجلببوا السكينة وعضوا على النواجذ فإنه أنبى للسيوف عن الهام ، وأكملوا اللامة ، وقلقلوا السيوف في أغمادها قبل سلها وألحظوا الخزر ، واطعنوا الشزر ، ونافحوا بالظبا ، وصلوا السيوف بالخطأ ، واعلموا إنكم بعين الله ومع ابن عم رسول الله ، فعاودوا الكر واستحيوا من الفر ، فإنه عار في الأعقاب ونار يوم الحساب ، وطيبوا عن أنفسكم نفساً وامشوا إلى الموت مشياً سجحاً ، وعليكم بهذا السواد الأعظم والرواق المطنّب ، فاضربوا ثبجه فان الشيطان كامن في كسره وقد قدم للوثبة يداً ، وأخر للنكوص رجلا فصمداً صمداً حتى ينجلي لكم عمود الحق [2] ( وَأَنتُمُ الأعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) [3] . ومن خطبة له عليه السّلام بعد ليلة الهرير ، وقد قام اليه رجل من أصحابه
[1] مروج الذهب ج 2 ص 398 . [2] نهج البلاغة - صبحي الصّالح ص 97 . [3] سورة محمّد : 35 .