وصارت كالمناجل ، وتطاعنوا بالرماح حتى تكسرت وتناثرت أسنتها ، ثم جثوا على الركبات فتحاثوا بالتراب ، يحثو بعضهم في وجوه بعض التراب ، ثم تعانقوا وتكادموا بالأفواه وتراموا بالصخر والحجارة " [1] . وقال نصر : " واقتتل الناس من لدن اعتدال النهار إلى صلاة المغرب ، ما كانت صلاة القوم إلا التكبير عند مواقيت الصلاة ، ثم إنّ ميسرة العراق كشفت ميمنة أهل الشام فطاروا في سواد الليل وأعاد عبيد الله والتقى هو وكرب - رجل من عكل - فقتله وقتل الذين معه جميعاً ، وإنما انكشف الناس لوقعة كرب فكشف أهل الشام أهل العراق فاختلطوا في سواد الليل وتبدلت الرايات بعضها ببعض ، فلما أصبح الناس وجد أهل الشام لواءهم وليس حوله إلا الف رجل فاقتلعوه وركزوه من وراء موضعه الأول وأحاطوا به ، ووجد أهل العراق لواءهم مركوزاً وليس حوله إلا ربيعة ، وعليّ عليه السّلام بينها وهم يحيطون به ، وهو لا يعلم من هم ويظنهم غيرهم ، فلما أذّن مؤذّن عليّ حين طلع الفجر قال علي : < شعر > يا مرحباً بالقائلين عدلا * وبالصلاة مرحباً وأهلا < / شعر > فلمّا صلى علي الفجر أبصر وجوهاً ليست بوجوه أصحابه بالأمس ، وإذا مكانه الذي هو به ما بين الميسرة والقلب بالأمس ، فقال : من القوم ؟ فقالوا : ربيعة ، وقد بتَّ فيهم تلك الليلة ، قال : فخر طويلٌ لك يا ربيعة ، ثم قال لهاشم : خذ اللواء ، فوالله ما رأيت مثل هذه الليلة ، ثم خرج نحو القلب حتى ركز اللواء به " [2] . قال نصر : " ثم كانت بين الفريقين الواقعة المعروفة ب " وقعة الخميس "
[1] وقعة صفين ص 238 - 304 . [2] نفس المصدر السابق ص 330 .