فخرج اليه الثالث فقتله وألقاه على الأخرين ، وقال : من يبارز ؟ فأحجم الناس عنه ، واجب من كان في الصف الأوّل أن يكون في الآخر ، فخرج عليه السّلام على بغلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم البيضاء ، فشق الصفوف ، فلما - انفصل منها نزل عن البلغة وسعى اليه فقتله ، وقال : من يبارز ؟ فخرج اليه رجل فقتله ووضعه على الأول ، ثم قال : من يبارز ؟ فخرج اليه رجل فقتله ووضعه إلى الآخرين ، ثم قال : من يبارز ؟ فخرج اليه رجل فقتله ووضعه على الثلاثة ، ثم قال : يا أيّها الناس إنّ الله عزّوجل يقول : ( الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ) [1] ولو لم تبدأوا بهذا لما بدأنا ثم رجع إلى مكانه " [2] . روى محب الدين الطبري بسنده عن ابن عبّاس رضي الله عنه وقد سأله رجل أكان علي يباشر القتال يوم صفين ؟ فقال : والله ما رأيت رجلا أخرج لنفسه في متلف من علي ، ولقد كنت أراه يخرج حاسر الرأس ، بيده السيف إلى الرجل الدارع فيقتله " [3] . قال نصر : " ولم يزل عمّار بهاشم ينخسه حتى اشتد القتال ، وزحف هاشم بالراية يرقل بها إرقالا ، وكان يسمى المرقال ، قال : وزحف الناس بعضهم إلى بعض والتقى الزحفان فاقتتل الناس قتالا شديداً لم يسمع الناس بمثله ، وكثرت القتلى في الفريقين كليهما " [4] . قال نصر : " ثم تمادى الناس في القتال فاضطربوا بالسيوف حتى تعطفت
[1] سورة البقرة : 194 . [2] الرياض النضرة ج 3 ص 260 . [3] المصدر . [4] وقعة صفّين ص 238 - 304 .