ثم قام فتكلم ، فقال الناس : صدق صدق القول ما قال ، والرأي ما رأى فأيس جرير عند ذلك عن معاوية وعن عوام أهل الشام " . وروى بسنده عن الجرجاني قال : " كان معاوية أتى جريراً في منزله فقال : يا جرير ، أني قد رأيت رأياً . قال : هاته قال : اكتب إلى صاحبك يجعل لي الشام ومصر جباية ، فإذا حضرته الوفاة لم يجعل لأحد بعده بيعة في عنقي ، وأسلم له هذا الأمر ، وأكتب اليه بالخلافة . فقال جرير : اكتب بما أردت ، واكتب معك . فكتب معاوية بذلك إلى علي فكتب علي إلى جرير : " أما بعد ، فإنما أراد معاوية ألا يكون لي في عنقه بيعة ، وأن يختار من أمره ما أحب ، وأراد أن يريثك حتى يذوق أهل الشام ، وإن المغيرة بن شعبة قد كان أشار عليّ أن استعمل معاوية على الشام وأنا بالمدينة ، فأبيت ذلك عليه ، ولم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضداً فان بايعك الرجل والا فأقبل " . وفشا كتاب معاوية في العرب فبعث اليه الوليد بن عقبة : < شعر > معاوي إنّ الشام شامك فاعتصم * بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا وحام عليها بالقنابل والقنا * ولا تك محشوش الذراعين وانيا وإن علياً ناظر ما تجيبه * فأهد له حرباً تشيب النواصيا والا فسلم إنّ في السلم راحة * لمن لا يريد الحرب فاختر معاويا وإن كتاباً يا ابن حرب كتبته * على طمع ، يزجى إليك الدواهيا سألت علياً فيه ما لن تناله * ولو نلته لم يبق إلا لياليا وسوف ترى منه الذي ليس بعده * بقاء فلا تكثر عليك الأمانيا أمثل علي تعتريه بخدعة * وقد كان ما جرّبت من قبل كافيا ولو نشبت أظفاره فيك مرة * حذاك ابن هند منه ما كنت حاذياً " < / شعر >