الغلام الضبي ، ورُمي الهودج بالنشاب والنبل حتى صار كأنه فنفذ ، وعرقب الجمل وهو لا يقع وقد قطعت أعضاؤه وأخذته السيوف حتى سقط ويقال : إنّ عبد الله بن الزبير قبض على خطام الجمل ، فصرخت عائشة - وكانت خالته - واثكل أسماء خل الخطام ، وناشدته ، فخلّى عنه ، ولما سقط الجمل ووقع الهودج جاء محمّد بن أبي بكر ، فأدخل يده فقالت : من أنت ؟ قال : أقرب الناس منك قرابة وأبغضهم إليك ، أنا محمّد أخوك " [1] . قال ابن أبي الحديد : " قال أبو مخنف : وحدّثنا مسلم الأعور عن حبة العُرني قال : فلما رأى علي عليه السّلام أن الموت عند الجمل ، وأنه ما دام قائماً فالحرب لا تطفأ ، وضع سيفه على عاتقه وعطف نحوه وأمر أصحابه بذلك ، ومشى نحوه والخطام مع بني ضبة ، فاقتتلوا قتالا شديداً واستحرّ القتل في بني ضبة ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وخلص علي عليه السّلام في جماعة من النخع وهمدان إلى الجمل فقال لرجل من النخع اسمه بجير : دونك الجمل يا بجير ، فضرب عجز الجمل بسيفه فوقع بجانبه ، وضرب بجرانه الأرض ، وعج عجيجاً لم يسمع بأشد منه ، فما هو إلاّ أن صرع الجمل حتى فرّت الرجال كما يطير الجراد في الريح الشديدة الهبوب ، واحتملت عائشة بهودجها ، فحملت إلى دار عبد الله بن خلف وأمر علي عليه السّلام بالجمل أن يحرق ثم يذرى في الريح ، وقال عليه السّلام : لعنه الله من دابة فما أشبهه بعجل بني إسرائيل ، ثم قرأ : ( وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ) [2] .
[1] مروج الذهب ج 2 ص 375 . [2] شرح نهج البلاغة ج 1 ص 265 . سورة طه : 97 .