فقال : ما اصنع بالزبير ، وقد جمع بين فئتين عظيمتين من الناس يقتل بعضهم بعضاً وهو مار إلى منزله سالماً ؟ " [1] . وقال : " وقد كان أصحاب الجمل حملوا على ميمنة علي وميسرته فكشفوها ، فاتاه بعض ولد عقيل وعليّ يخفق نعاساً على قربوس سرجه ، فقال له : يا عمّ ، قد بلغت ميمنتك وميسرتك حيث ترى وأنت تخفق نعاساً ؟ قال : اسكت يا ابن أخي ، فان لعمك يوماً لا يعدوه ، والله ما يبالي عمك وقع على الموت أو وقع الموت عليه ، ثم بعث إلى ولده محمّد بن الحنفيّة وكان صاحب رايته : إحمل على القوم فأبطأ محمّد بحملته ، وكان بإزائه قوم من الرماة ينتظر نفاد سهامهم ، فأتاه علي ، فقال : هلا حملت فقال : لا أجد متقدماً إلاّ على سهم أو سنان ، وإني منتظر نفاد سهامهم وأحمل ، فقال له : احمل بين الأسنة فان للموت عليك جنة فحمل محمّد ، فشك بين الرماح والنشاب فوقف ، فأتاه علي فضربه بقائم سيفه وقال : أدركك عرق من أمك ، وأخذ الراية وحمل وحمل الناس معه ، فما كان القوم إلاّ كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، وأطافت بنو ضبة بالجمل وأقبلوا يرتجزون ويقولون : < شعر > نحن بنو ضبة أصحاب الجمل * ننازل الموت إذ الموت نزل ردوا علينا شيخنا ثم بجل * ننعى ابن عفان بأطراف الأسل والموت أحلى عندنا من العسل < / شعر > وقطع على خطام الجمل سبعون يداً من بني ضبة منهم سعد بن سود القاضي متقلداً مصحفاً ، كلما قطعت يد واحد منهم فصرع قام آخر فأخذ الخطام وقال : أنا